آزاد جمكاري يكتب: إقامة إقليم كردي سوري لمصلحة تركيا اقتصادياً

آزاد جمكاري، صحفي كردي سوري

آزاد جمكاري – صحافي كردي سوري

التطورات الأخيرة على الأرض في منطقة شرق الفرات الخاضعة لسيطرة قوات عسكرية يقودها الكورد ، توحي إلى وجود خطة جديدة لدى الإدارة الأمريكية حيال هذه المنطقة الاستراتيجية التي قد تكون سبباً في الحل المستقبلي للصراع الذي تعاني منه البلاد منذ أكثر من سبع سنوات.

حيث خفف الرئيس دونالد ترامب من وطأة تصريحاته حول خططه الهادفة إلى سحب الجيش الأمريكي من سوريا “فوراً”، متحدثاً عن خطة تقضي بانسحاب “بطيء”، معتبراً في الوقت نفسه أن إنجازاته في النزاع السوري تجعل منه “بطلاً قومياً”.

فعلى الرغم من قرار الانسحاب الأمريكي الذي أحدث صدمة لدى الحلفاء على الأرض كذلك المؤسسة العسكرية في واشنطن (البنتاغون)، نجد أن الجنود الأمريكيون ما زالوا مستمرين بتعزيز نفوذهم في شرق الفرات من خلال إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في دير الزور، وإرسال دفعة جديدة من المعدات والأسلحة المتطورة إليها ، عبر منفذ “بيشخابور” الحدودي، ومؤخراً شرعت تطعيم القوات العسكرية التي تدعمها حالياً والمتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية بقوات بيشمركة روج آفا – مقاتلون كورد سوريون تدربوا في كوردستان العراق- كذلك فصائل تضم مقاتلين من العشائر العربية الموجودة في المنطقة تاريخياً.

اعتقد أن الهدف من هذا التعزيز في شرق الفرات، والتكتيكات الأمريكية الجديدة، يتمحور في ثلاث نقاط مهمة، وهي: إقامة إقليم كوردي يشارك في إدارته كافة مكونات المنطقة، ومواجهة التوسع العسكري الإيراني الذي بات يشكل خطراً على الدول المجاورة لسوريا، وأخيراً تحسين وضعها أمام روسيا الداعمة للنظام الذي يسيطر على نصف مساحة سوريا التي تبلغ 185,180 كم²، وهذا ما أكده السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، بعد اجتماع مع ترامب في البيت الأبيض استمر ساعتين، حيث قال: أعتقد أن الرئيس توصل إلى خطة مع جنرالاته تبدو منطقية بالنسبة لي، مضيفاً أن ترامب سيتأكد من أن أي انسحاب من سوريا سيتم بأسلوب يضمن:

1- تدمير تنظيم “الدولة الإسلامية”، داعش بشكل نهائي.

2- عدم ملء إيران الفراغ.

3- حماية حلفائنا الكورد.

يظهر للمراقبين أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بالضغط على كلا الشريكين المتخاصمين، تركيا ووحدات حماية الشعب التي تتهمها أنقرة بوجود عناصر من حزب العمال الكوردستاني ضمن صفوفها، للشروع في إقامة إقليم في شرق الفرات.

ولتنفیذ الخطة هذه ، ينبغي أن تقوم أمريكا وتركيا والأطراف الكوردية والعربية في شرق الفرات بالعمل على إيجاد اتفاق تحت مسمى “اتفاقية شرق الفرات الاقتصادية”، تضمن مصالح تركيا التجارية واستبعاد شبح الحرب والبدء بمرحلة إنقاذ الموارد البشرية وإعادة الإعمار في المدن والمناطق التي دُمرت خلال حرب التحالف الدولي وحلفائه ضد تنظيم “داعش”.

ولكون شرق الفرات يعتبر “السلة الغذائية” لسوريا ، فمن الممكن أن تستفيد جميع الأطراف المشاركة في الاتفاقية الاقتصادية التي ذكرنا بنودها آنفاً من معظم الموارد الزراعية والمائية في هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها نحو 28 ألف كيلو متر مربع، أي ما يساوي ثلاثة أضعاف مساحة لبنان.

كما علينا أن لا ننسى مسألة وجود “الذهب الأسود” والغاز في محافظتي دير الزور والحسكة اللتين تحتويان على ما يقارب 95% من موارد النفط والغاز في سوريا، وهذه القضية قد تتفق عليها أيضاً الأطراف المشاركة في الاتفاقية الاقتصادية من خلال قطع الأنابيب التي تنقل المادتين الحيویتين إلى مصافي التكرير في حمص وبانياس الواقعتين تحت سيطرة حكومة دمشق وإرسال الإنتاج إلى تركيا ومنها إلى الأسواق الأوروبية، كما حصل في إقليم كوردستان منذ إقامته في تسعينيات القرن المنصرم إلى وقتنا هذا.

لكن هناك نقطة في غاية الأهمية ، اقف عندها ويقف عندها الكثير من المراقبين ولم نجد لها تفسيراً حتى الآن ألا وهي قلق الزعيم الكوردي مسعود بارزاني على مصير الكورد في سوريا في تصريحاته الثلاثة الأخيرة، وخاصة في رسالته التي نشرها بمناسبة رأس السنة الميلادية الجديدة 2019.

والسؤال الذي يطرح نفسه، يا ترى هل قلق بارزاني نابع من امتعاضه من عدم اتفاق الأطراف الكوردية السورية فيما بينها على أسس رصينة تقوم بترتيب البيت الكوردي السوري من جديد أم أن قراءته ومعلوماته تقول إن أمام الكورد مهمة صعبة وقد تصل إلى حد اندلاع معارك طاحنة تقضي على أحلامهم والعودة إلى تاريخ ما قبل آذار 2011.

خلاصة القول: المجتمع الدولي توصل إلى حقيقة مفادها، لا يمكن العودة إلى “سلطة المركز” كما كان الحكم في البلاد معتاداً قبل 2011، والوقائع على الأرض تشير إلى عدم انسحاب القوات الأمريكية من شرق الفرات على المدى القريب، خاصة بعد إعداد أطراف سياسية عراقية مقربة من طهران مشروع قانون ينص على مغادرة القوات الأمريكية العراق بحلول نهاية العام 2019.

المصدر: باسنيوز
اقرأ ايضاً