مايا سليمان – عامودا – آشا نيوز
عندما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشاهد جحافل من الجنود وقد ملأت شوارع أنقرة وإسطنبول في انقلاب مفاجئ على سلطته في ليلة 15 يوليو عام 2016، كان الزعيم التركي في موقف خطير ولا يسعه سوى انتظار ما سيحدث لاحقا، بينما كان لا يفصل القوات المتمردة عنه سوى وقت قصير.. وفي هذا الوقت لم يملك الرئيس أي شيء سوى هاتف آيفون.
في هذه الليلة بدأت وحدات عسكرية من الجيش بالانتشار في العاصمة، وفور تحديد مكان الرئيس، كانت وحدة تابعة للانقلابيين تتجه إلى الفندق الذي كان يقضي فيه أردوغان عطلة مع أسرته.
وبينما فقد أردوغان السيطرة على الأمور والثقة في قادة جيشه، كان هاتفه من طراز آيفون هو وسيلته الوحيدة للتواصل مع وسائل الإعلام في وقت كان المستحيل الوصول فيه إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وعبر تطبيق “فيس تايم” الذي يتيحه آيفون حصرا، تمكّن أردوغان من إجراء اتصال هاتفي مع مذيعة قناة أخبار سي أن أن ترك، وأطلق دعوة تطمينية بأنه لا يزال في مأمن، ويدعوا الشارع إلى النزول لمواجهة الانقلاب.
وساهمت المكالمة التي بثت على الهواء مباشرة عبر هاتف المذيعة في تشجيع الأتراك على النزول والتصدي لوحدات الجيش، ليتمكن الرئيس في صبيحة يوم 16 يوليو من العودة إلى إسطنبول وإعلان القضاء على المحاولة التي لم تكن لتفشل إلا بعدما نجح أردوغان في الظهزر عبر خدمة “فيس تايم” التابعة لأبل.
انقلاب على آيفون
وبعد عامين، أعلن الرئيس التركي في خضم أزمة بين أنقرة وواشنطن، عن مقاطعة البضائع الإلكترونية الأميركية، مستهدفا هواتف آيفون بالتحديد، لينقلب على الهاتف الذي أنقذه يوما من الانقلاب.
ويتميز هاتف آيفون عن مثيله من الهواتف الأخرى، بدرجة الحماية الأمنية العالية نسبيا وصعوبة فك الحماية الخاص به، فضلا عن تطبيق “فيس تايم” ذو الجودة العالية والذي يتيح التواصل الصوتي والمرئي بين مستخدمي آيفون فقط.
والرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي فرض إجراءات عقابية على تركيا بسبب رفضها إطلاق سراح القس أندرو برانسون، يستخدم أيضا هاتف من نوع آيفون منذ توليه الرئاسة بناء على نصيحة أخذت شكلا إلزاميا من أجهزة الاستخبارات، ليتخلى بذلك عن هاتفه الذي أحبه من طراز سامسونغ.
وفي إطار مواجهته للإجراءات الأميركية التي شملت زيادة الرسوم الجمركية وفرض عقوبات على وزيرين تركيين، رأى الرئيس التركي أن الدعوة لمقاطعة المنتجات الإلكترونية الأميركية ومن بينها هواتف آيفون قد يشكل ردا ملائما.
وقال أردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة إن تركيا ستتوقف عن شراء أجهزة “آيفون” الأميركية، وستشتري هواتف “سامسونغ” الكورية و”فيستل” التركية بدلا من ذلك.
لكن تصريحات الرئيس تثير تساؤلا بشأن قدرته عن التخلي شخصيا عن هاتف آيفون الخاص به، واستبداله بهواتف تعمل بنظام أندرويد.
وتتصاعد الأزمة بين أنقرة وواشنطن على خلفية احتجاز القس الأميركي، بينما تعاني الليرة التركية من انزلاق تاريخي أُثر بشكل واضح على الخطاب الرسمي التركي فجعله غاضبا وانفعاليا وممتلئا بالتهديدات