نوفين حسن – برلين – آشا نيوز
قال ممثلون لوحدات حماية الشعب الكردية إن القوات التركية لم تكن لتهاجم عفرين دون موافقة المجتمع الدولي، ولا سيما روسيا التي نشرت قواتها في المنطقة.
وأضاف ممثلو الأكراد، وفق تقرير صحيفة Svabodnaya pressa الروسية، أن موسكو نقلت قواتها من عفرين إلى منطقة أخرى بسوريا، وأعربت في الوقت نفسه عن قلقها إزاء تصاعد وتيرة النزاع.
لكن ممثل أكراد سوريا في موسكو، رودي عثمان، دعا روسيا إلى التدخل ووقف العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا في سوريا.
وتقول وزارة الدفاع الروسية إن أسباباً أمنية تقف وراء نقل الفريق العامل التابع لمركز المصالحة بين الأطراف المتحاربة والشرطة العسكرية في منطقة عفرين.
ووفق صحيفة Svabodnaya pressa، تعتقد وزارة الدفاع أن النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة وتزويدها الجماعات الموالية لها بالأسلحة- أدى إلى تفجُّر الوضع الحالي.
لماذا اتخذت روسيا الحياد لصالح تركيا؟
يرى ميخائيل ألكسندروف، الخبير البارز في مركز الدراسات العسكرية والسياسية، أن روسيا قد اتخذت خطوات حازمة من خلال عدم التدخل في الصراع القائم بين تركيا والأكراد.
ويُعزى ذلك إلى ممارسات الجانب الكردي في الآونة الأخيرة، حيث لم يعد الأكراد يبالون بمصالح روسيا وسوريا، في حين تحولوا إلى دمى تحركها الولايات المتحدة الأميركية.
وأردف ألكسندروف أن الأكراد لم يتوانوا عن تنفيذ أوامر الأوصياء الأجانب، كما يتحركون في المناطق التي تقع تحت سيطرة تنظيم الدولة؛ سعياً منهم لمهاجمة القوات الموالية للحكومة السورية.
وتضم العديد من المخيمات على الأراضي الكردية مدربين أميركيين يقومون بإعداد مقاتلين جدد لضرب الجيش السوري، وفق الباحث ألكسندروف، الذي قال إن الأكراد يرفضون استكمال المفاوضات المتعلقة بالتسوية في سوريا، وسحب القوات الموالية لهم من العديد من المناطق، وضمن ذلك الرقة.
في هذا الصدد، يعتقد ألكسندروف أن وقوف الأكراد في صف الولايات المتحدة الأميركية له تبعات كبيرة، ليس فقط بالنسبة لمصالح الأسد؛ بل مصالح روسيا في الشرق الأوسط أيضاً؛ ومن ثم فليس هناك أي دافع حتى تقوم روسيا بالدفاع عنهم وحمايتهم.
Svabodnaya pressa: وفقاً لمنظور منطقي لتطور الأمور، هل كان ينبغي للجيش السوري أو الشرطة مواجهة الأكراد السوريين بدلاً من تركيا؟
ميخائيل ألكسندروف: في الواقع، لا يملك بشار الأسد قوة كافية تخول له العمل على جميع الجبهات في الوقت ذاته. ففي الوقت الراهن، بادر الأسد، وبدعم من القوات الجوية الروسية، بتنفيذ عملية عسكرية ضد تنظيم الدولة بإدلب. في الأثناء، لم تعارض السلطات التركية هذه العملية، كما لم تعرب عن سخطها إزاء هذه المسألة. ومن جهتها، تبنَّت روسيا الموقف ذاته حيال العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا في عفرين.
من غير المرجح أن تُحدث سيطرة الأكراد الموالين للولايات المتحدة الأميركية، أو تركيا على منطقة عفرين فرقاً كبيراً على مستوى المخطط الاستراتيجي لروسيا. ففي الواقع، يتمثل هدفنا الأساسي في مساعدة الأسد على استعادة السيطرة على أكبر قدر من الأراضي السورية، وتطهير الجيوب التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية الموالية للولايات المتحدة، ومن ثم التفاوض على تسوية سلمية للمعضلة السورية.
Svabodnaya pressa: في ظل دعم روسيا، هل يستطيع الأسد استعادة السيطرة على الأراضي السورية بالكامل؟
أعتقد أنه يمكن لذلك أن يحدث مع مرور الوقت، علماً أن جيش الأسد محدود العدد، في حين تشارك روسيا في العمليات العسكرية من خلال تنفيذ غارات جوية وعمليات تفجير أحياناً. عموماً، لا يستطيع الجيش السوري القيام بعدة عمليات في آن واحد، حتى في ظل مساعدة القوات الإيرانية، المتواضعة نوعاً ما.
Svabodnaya pressa: في ظل التصريحات النارية وغير المتوقعة للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على غرار الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، هل يمكن للأميركيين إعلان استقلال كردستان السورية؟
أعتقد أن الجانب الأميركي يتبع منهجه المعتاد، الذي ينطوي على تقديم الوعود، وإشعال الفتنة بين الأطراف المتحاربة، ثم الإخلاف بتعهداته كما هو الحال في أثناء الحرب التي عرفتها أوسيتيا الجنوبية سنة 2008. فقد لمح الأميركيون إلى دعم ساكاشفيلي؛ لإثارة غضب موسكو ومتابعة ردود فعلها والخطوات التي ستتخذها حيال هذه المسألة. وفي الوقت الراهن، لم يبادر ترامب بالاعتراف باستقلال كردستان العراق على الرغم من الاستفتاء الذي عرفته المنطقة.
في حين تدرك الولايات المتحدة الأميركية الفوائد التي قد تتأتى على خلفية استقلال كردستان، تعي جيداً أن الإفراط في دعم الأكراد قد يُدخلها حرباً عسكرية فعلية؛ وذلك ما دفع الولايات المتحدة إلى التراجع عن تنفيذ العديد من التحركات وخوض حرب بالوكالة. وفي الأثناء، سيؤدي أي دعم من قِبل واشنطن للأكراد إلى التأثير سلباً على العلاقات الأميركية-التركية، كما سيزيد من حدة الأزمة بين البلدين. ومن ثم، سيهدد ذلك مكانة الولايات المتحدة، في حين سيسهم في فقدانها نفوذها بالمنطقة.
تعزيز العلاقات التركية-الروسية
يعتقد أناتولي المريد، المدون والخبير في شؤون الشرق الأوسط، أن روسيا لا تملك استراتيجية عمل بسوريا وفي الشرق الأوسط بشكل عام، حيث تتخذ الخطوات اللازمة انطلاقاً من الوضع الراهن للمنطقة. وعلى الأرجح، فإن تحركات روسيا وفقاً لمبدأ البراغماتية الجيوسياسية، قد جعلها لا تمانع العمليات العسكرية التي شنتها القوات التركية ضد الأكراد.
وسيعزز ذلك العلاقات التركية-الروسية في العديد من المجالات، ولا سيما على مستوى مشروع السيل التركي. والجدير بالذكر أن الأتراك لا يزالون يرفضون خطة “غازبروم” التي تقضي ببناء 4 خطوط أنابيب للغاز ضمن هذا المشروع (خط واحد لتركيا، و3 من أجل عبور إمدادات الغاز إلى أوروبا)، حيث ترغب تركيا في إنشاء خطين فقط؛ أحدهما لتأمين استهلاكها الداخلي، والثاني من أجل عبور إمدادات الغاز إلى أوروبا.
وماذا عن إيران؟
من جهتها، وخدمةً لمصالحها، لا تعارض إيران العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية في منطقة عفرين ضد الميليشيات الكردية. في السياق ذاته، يرى المريد أنه في الوقت الراهن، من الصعب الحديث عن السيادة السورية؛ نظراً إلى تعدد مصالح الدول الخارجية في هذا البلد، على غرار تركيا المتمركزة في المناطق الحدودية المأهولة بالأكراد؛ للدفاع عن مصالحها الخاصة، وضمن ذلك منع الأكراد الأتراك من تشكيل قاعدة على الحدود السورية.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، وحسب أناتولي المريد، فتحظى بجملة من المصالح الخاصة في المنطقة، حيث تعمل على ضمان عدم تحقيق أطراف النزاع أهدافهم المنشودة في الشرق الأوسط، مع العلم أن واشنطن لم تقدم أي دعم لأكراد عفرين.