لين سليم – دمشق – آشا نيوز
لماذا نحب؟ على بساطته، يحير هذا السؤال متخصصي علم النفس والبيولوجيا بنفس القدر كالشعراء والفلاسفة، قديمًا قال أفلاطون إن الحب هو إعادة اجتماع لشقين انفصلا عن بعضهما البعض، ثم يحكي لنا أن البشر كانوا بأربعة أذرع، وأربعة أرجل، ورأسين، ثم حدث أن تسببوا في غضب زيوس ملك الآلهة، فقام بفصل كل جسم إلى اثنين، ذكر وأنثى، ومنذ تلك اللحظة ظل كل نصف يبحث عن نصفه الآخر لكي يكتمل، هذا هو الحب.
أما شوبنهاور فيقول إن الحب ما هو إلا خدعة من الطبيعة لكي نمارس الجنس بغطاء رومانسي، من جهة أخرى يرى برتراند راسل أن الحب هو حرب ضد عدو الإنسان الرئيس، الوحدة، بينما يرى سورين كيركجارد أن الحب هو المرحلة الأسمى للتجربة الذاتية، حاول الجميع من كل مناحي المعرفة البشرية أن يعرّف الحب، أن يرى سببًا حقيقيًا له؛ لكننا في هذا المقال -ومجموعة أخرى قادمة- سوف نركز كامل اهتمامنا بالطبع حول الحب من وجهة نظر العلم، لذلك وجب أن نوضح عدة نقاط هامة قبل البدء.
الحب أولًا هو -كباقي المشاعر البشرية- أمر معقد تتدخل فيه معايير عدة ثقافية واجتماعية واقتصادية ونفسية وبيولوجية، تتسبب هذه الحالة من التعقد والتشابك الشديد في عدم القدرة على تحديد نتائج مؤكدة، كذلك لا نجد دائمًا خط سير سببي واضح من نقطة الأسباب إلى نقطة النتائج، وتمتلئ خطوط السير من هذا النوع بفجوات ضخمة.
يرفع من تعقيد تلك المشكلة أن الإنسان كائن واعٍ، تؤثر التفاعلات الكيميائية بداخل جسده على قراراته وسلوكياته طوال اليوم العادي؛ لكن في نفس الوقت فإن وعيه هو الآخر قادر على خلق تفاعلات كيميائية وتحريكها، فالغضب هو نتيجة نهائية لتفاعل كيميائي معقد، وهو السبب فيه أيضًا، الأمر إذن ليس في اتجاه واحد، ومن المحيّر دائمًا أن نعرف من لعب دور السبب ومن لعب دور النتيجة.
لذلك، فإن محاولاتنا لفهم المشاعر البشرية عامًة، والحب خاصة، من وجهة نظر الكيمياء الحيوية، أو علم النفس التطوري، أو آخر التطورات في تكنولوجيا التصوير الدماغي، هي فقط طرق للفهم، مناهج بحث تعطينا جانبًا من صورة كاملة تتحكم فيها معايير عدة، نقول ذلك هنا، في المقدمة؛ لأن الجميع تقريبًا يتعامل مع مقالات، وكتب، علم النفس التطوري أو الكيمياء المتعلقة بالسلوك البشري على أنها دلائل واضحة لإمكانية اختزال الكائن البشري في بيولوجيا جسمه، وهذا غير صحيح بالمرة.
لماذا نحبّ شخصاً بعينه
- قد يكون هذا الشخص دائم الابتسامة، دائم الانطلاق نحو الخير، ايجابيّاً بطاقاته التي يُشعّها نحو الآخرين ، فالنّاس يلتفّون بطبعهم حول الشخص المتفائل وصاحب الوجه البِشر ، وينأون عن أصحاب الكآبات والحزن والقنوط .
- ربّما كان هذا الشخص من المُبادرين إلى التقرّب إليك ، وصاحب اليد الطولى في الإحسان ، فإنّ النفوس قد جُبِلت على حُبِّ من أحسنَ إليها ، وكذلك فإن هذا الشخص بإقباله عليك يُشعركَ بأنه قد اهتمّ بأمرك واهتمّ لك ، وهذا أمرٌ في غاية الجمال ، ويقرّب لك هذا الشخص ويجعلك من مُحبّيه.
- وقد يكون هذا الشخص أيضاً قويّ الشخصيّة ، جريء ، مقدام ، فأنت بطبعك تحبّ الأقوياء، وأصحاب الشخصيات الفريدة والقياديّة ، فهذهِ الشخصيّات تُحبّها الأفراد والجماعات ، فترى أنّ صيت الأقوياء ذائع في العالم كلّه حتّى بعد وفاتهم.
- وربّما أحببت هذا الشخص لأنّ فيه تجانساً من شخصيتك ، فتراه مرآة لك ، ومستمعاً لحديثك ، ومتابعاً لهمومك ، ويعينك على نوائب الدهر وتصرّفاته ، وهذا الصديق وهذا الشخص الوفيّ هو أهلٌ للمحب!ة بلا شكّ.
- والذي يدفعكَ إلى محبّة شخصٍ بعينه ، أن يكون من أهل الله وخاصّته ، ومن الذين يُحبّهم الله عزَ وجلّ ، فإنّ من أحبّهُ الله نادى بمحبته جبريلُ أهل السماء فأحبوه لمحبّة الله له ، ونادى جبريل في أهل الأرض ليحبّوا هذا الشخص فيكون محبوباً بين الناس وله قبولٌ في الأرض.