ا ف ب – نالين يوسف – الحسكة – آشا نيوز
إنتشرت صورتها حول العالم وهي ترفع علم قوات سوريا الديموقراطية فوق “دوار الجحيم” في مدينة الرقة: روجدا فلات ليست ناشطة عادية، الثلاثينية السمراء قادت آلاف المقاتلين الذين ألحقوا أبرز الهزائم بتنظيم داعش في سوريا.
على جبهات قتال عدة ضد التنظيم المتطرف، اعتاد الصحافيون أن يروها، هي المنضوية في وحدات حماية المرأة الكردية، بلباسها العسكري مع ابتسامة عريضة وضفيرة متدلية تحت كوفية فلسطينية أو شال تقليدي كردي مزركش. تتحدث عبر جهاز لاسلكي أو تتصفح خريطة على حاسوب لوحي، تراقب الجبهات عبر منظار قبل أن تعطي تعليماتها للمقاتلين على الأرض.
وفور اعلان قوات سوريا الديموقراطية سيطرتها الثلاثاء على كامل الرقة، بعد أكثر من أربعة أشهر من المعارك الضارية ضد التنظيم، سرعان ما اختارت روجدا ورفاقها من المقاتلين والمقاتلات دوار النعيم في وسط المدينة للاحتفال.
في الدوار الذي استبدل السكان اسمه بدوار الجحيم لكثرة الاعدامات وعمليات الصلب التي شهدها خلال سيطرة التنظيم على الرقة، وقفت روجدا أمام عدسات وسائل الاعلام بلباسها العسكري، على كتفها بندقية وبين يديها راية قوات سوريا الديموقراطية الصفراء.
وتقول المتحدثة باسم وحدات حماية المرأة الكردية نسرين عبد الله لوكالة فرانس برس عبر الهاتف من بيروت “الرفيقة روجدا هي احدى القياديات البارزات في وحدات حماية المرأة، ولها تأثير خاص في حملة (تحرير) الرقة”.
وتضيف بفخر “إنها مجاهدة ومحاربة.. ولها إيمان عميق بالنضال من أجل حرية المرأة”.
في معركة الرقة تحديداً كان لروجدا دوراً بارزاً وفق عبد الله. وكانت من بين أول من رفع “راية النصر في مركز داعش، حيث ارتكب أبشع المجازر بحق المرأة التي استعبدها وحولها آلة لاشباع غرائزه وخدمته”.
قادت هذه المقاتلة المتحدرة من مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية في محافظة الحسكة (شمال شرق)، المرحلة الأولى من حملة “غضب الفرات” قبل أن تصبح ركناً أساسياً من غرفة عمليات مشتركة قادت عمليات طرد تنظيم داعش من الرقة، أبرز معاقله في سوريا.
وتتحلى كافة المقاتلات في وحدات حماية المرأة وبينهم روجدا، وفق ما تقول المتحدثة باسم حملة غضب الفرات جيهان شيخ أحمد لفرانس برس بـ”الروح الرفاقية والروح الجماعية، ودائماً روح المسؤولية العالية”.
وتؤكد عبدالله أن “كل مقاتلة في وحدات حماية المرأة تمثل روح هذه الوحدات، وهذا ما شعرنا به حين رفعت روجدا راية النصر”، مضيفة “روجدا هي وحدات حماية المرأة، ووحدات حماية المرأة هي روجدا”.
– “لحظة تاريخية” –
في مقابلات عدة أجرتها مع وسائل اعلامية، تتحدث روجدا عن شخصيات تاريخية تأثرت بها من الثورية الشيوعية روزا لكسمبورغ الى نابليون بونابرت وصلاح الدين الأيوبي، القيادي الاسلامي الذي حرر القدس من الصليبيين في القرن الثاني عشر.
وشاركت روجدا الى جانب نسرين عبد الله وأخريات في تأسيس وحدات حماية المرأة ورفع راية المرأة الكردية وحقوقها وخاضت “الصراع ضد العقلية الذكورية”. عسكرياً، قادت العديد من المعارك ضد تنظيم داعش وكان آخرها في مدينة الرقة.
ولعلّ أبرز ما تتذكره عبدالله خلال معركة الرقة، هو اتصال هاتفي جمعها بروجدا التي أخبرتها خلاله عن تحرير اول امرأة أيزيدية من أيدي الجهاديين.
واثر هجوم واسع شنّه في آب/أغسطس 2014، احتجز تنظيم داعش في منطقة سنجار في العراق آلاف النساء والفتيات الأيزيديات.
وحررت قوات سوريا الديموقراطية خلال معارك مدينة الرقة التي بدأتها في حزيران/يونيو عشرات النساء الأيزيديات اللواتي خطفهن الجهاديين.
وتقول عبد الله “أبلغتني روجدا ببشارة تحرير أول إمراة أيزيدية في الرقة. حماسها ومعنوياتها وفرحتها منحوني قوة كبيرة جداً (…) تلك اللحظة كانت تعبر عما نقوم به ونعيش من أجله”.
بعد اعلان السيطرة على كامل مدينة الرقة، وخلال احتفالها مع زملائها في دوار النعيم، قالت فلات للصحافيين “إنها لحظة تاريخية، نعرف أنها ستغير الكثير”.