ديلان صالح – سليمانية – آشا نيوز
فقد كُرد العراق والعالم برحيل جلال طالباني، أحد أبرز رموز النضال الكردي الذي أصبح بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، بغزو أميركي عام 2003، أول رئيس كُردي في تاريخ العراق انتخب بالتوافق عام 2005.
وتوفي الطالباني الذي عُرف بلقب مام جلال (العم جلال)، لذكائه وقدراته القيادية، صباح الثلاثاء، في ألمانيا بعد انتقاله لاستكمال العلاج بعد إصابته بجلطة دماغية منذ عام 2012.
ولد جلال حسام الدين طالباني في 12 نوفمبر 1933 في قرية كلكان على سفح جبل كوسرت المطلّة على بحيرة دوكان، التابعة لقضاء كويسنجق، في محافظة السليمانية شمال العراق، وتزوج من هيرو أحمد، وله منها ولدان قباد وبافيل.
مسيرته السياسية
بدأ طالباني مسيرته السياسية كمقاتل شاب في نهاية الأربعينات بصفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة الملا مصطفى البارزاني، ثم أصبح في بداية الخمسينات وعندما كان في سن الثامنة عشرة، عضوا مؤسسا لاتحاد الطلبة الكردستاني، حتى إنه اختير عضوا في اللجنة المركزية للحزب في عام 1951.
أكمل الدراسة الثانوية في كركوك عام 1952 ثم التحق بكلية الحقوق عام 1953 – 1958 والتحق بعد تخرجه كضابط مجند بالجيش العراقي كآمر لكتيبة عسكرية مدرعة.
في عام 1957 سافر إلى موسكو ودمشق مروجا لتأسيس دولة كردية بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، واستطاع إقناع الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، بفتح إذاعة كردية من القاهرة حيث كان يعمل في نفس الوقت في الصحافة الكردية السرية والعلنية.
مع بداية الستينات أصبح من قادة البيشمركة، وفي عام 1961 شارك فيما عرفت بانتفاضة الأكراد ضد حكومة الزعيم العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم، وبعد الانقلاب على قاسم قاد جلال طالباني وفداً كردياً لإجراء محادثات مع حكومة الرئيس عبد السلام عارف عام 1963.
في عام 1965 انشق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني وشكل جناحا حزبيا منفصلا أدى إلى خصومة مع عائلة البرزاني وإلى قيام تحالفات مع إيران وتركيا، وحتى مع صدام حسين فيما بعد.
تأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني
في عام 1975 أسس طالباني مع مجموعة من رفاقه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ذي التوجه اليساري الاشتراكي، لكن بعدها توسعت علاقاته بالغرب والولايات المتحدة الأميركية.
في بداية عام 1975 زار مصر وأجرى سلسلة من المباحثات مع المسؤولين وأقنعهم بدور الوساطة بين الثورة الكردية والحكومة العراقية أثناء انعقاد مؤتمر القمة، غير أن اتفاقية الجزائر التي أوقفت بموجبها حكومة شاه إيران دعمها للأكراد مقابل وقف العراق الدعم عن ثورة عربستان (الأهواز) أجهضت حلم طالباني وعزلت الثورة الكردية.
في عام 1976 استأنف طالباني العمل العسكري من محافظة السليمانية ضد الحكومة العراقية، وكان يتلقى الدعم سرا من نظام الشاه في إيران ومن نظام البعث الذي يقوده حافظ الأسد في سوريا الذي كان على خلاف شديد مع العراق.
بعد ذلك قام مام جلال بتوحيد صفوف الأكراد وضم عصبة كادحي كردستان والحركة الاشتراكية الكردستانية وغيرها إلى الاتحاد الوطني، واستمر بالقتال ضد بغداد حتى انتصار ثورة إيران عام 1979 حيث بدأ يتلقى الدعم من الخميني.
تقوية دوره
بعد وفاة الملا مصطفى البارزاني عام 1979 وقيام الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 أصبحت مكانة طالباني قوية جدا في أواسط الأكراد لكن حزبه تعرض لهزيمة قاسية على يد نظام صدام حسين في نهاية الثمانينات من القرن الماضي بعد صراع دام بينهما لأكثر من عقد من الزمان جراء استخدام الحكومة العراقية آنذاك السلاح الكيميائي ضد الأكراد عام 1988 كما يقول الأكراد واضطر طالباني حينها لمغادرة شمال العراق حيث لجأ إلى إيران.
مرحلة جديدة بعد غزو الكويت
بعد غزو الكويت من قبل نظام صدام حسين عام 1990 بدأت حقبة جديدة في حياة طالباني، خاصة بعد هزيمة النظام العراقي في حرب الخليج الثانية، حيث عاد إلى بغداد عام 1991، وبعدما منح نظام صدام حسين حكما ذاتيا للأكراد، تقاربا الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني مع الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني.
وفي عام 1992 جعل مام جلال من السليمانية مركزا لحكومة إقليمية مستقلة، ما نتج عن ذلك بداية لصراع وصدامات عنيفة مع منافسه مسعود البارزاني، وكادت قواته تقضي على قوات البارزاني عام 1996 لولا تدخل جيش الحكومة المركزية في بغداد عسكريا لصالح بارزاني.
في عام 1999 الذي اتهمت فيه الولايات المتحدة لصدام حسين بحيازته أسلحة دمار شامل ودعم القاعدة والعمل على إزاحته ونظامه من السلطة، تجاوز الأكراد الخلافات القديمة وتم تشكيل تحالف ضد نظام صدام والبعث الذي أنهكته الحروب والحصار الاقتصادي والتنسيق مع قوى المعارضة العراقية بزعامة الولايات المتحدة الأميركية وصولا إلى احتلال العراق عام 2003 حيث شكل الحزبان حكومة فيدرالية شمال العراق.
انتُخب مام جلال عام 2005، رئيسا للعراق وأُعيد انتخابه لولاية ثانية 2010. وبعد عمليات جراحية في القلب غادر العراق عام 2012 للعلاج في ألمانيا من جلطة أُصيب بها، ودخل على أثرها في غيبوبة ومكث هناك نحو عام ونصف العام حتى عاد للعراق في 20 يوليو 2014، إلا أن حالته الصحية بقيت غير مستقرة.
وخلف طالباني رفيقه فؤاد معصوم، الذي انتخبه البرلمان يوم 24 يوليو 2014 رئيسا لجمهورية العراق.