برزان شيخموس – كاتب وصحفي كُردي
عقد طرفي النزاع في سوريا والمتمثلين بالنظام السوري وفصائل عن المعارضة المسلحة التي يُمثلها هيئة التفاوض اجتماعاً على مدار يومي الاثنين والثلاثاء 23-24 من شهر كانون الثاني للعام الجاري في العاصمة الكازاخستانية أستانا، المحادثات كانت برعاية روسية تركية لتعزيز وقف إطلاق النار بسوريا والذي كلل باتفاق وإصدار بيان ختامي في محادثات لم تدم سوى يومين لا أكثر.
الوقت القياسي الذي انتهى فيه الاجتماع والذي تمخض عنه وقف لإطلاق النار على النقيض من محادثات جنيف بمراحلها الثلاثة والتي لم تسفر إلا عن الفشل وخيبة الأمل، توحي بل تؤكد أن الطرفين السوريين لا يتعدى دورهم سوى الأدوات، وليس عليهما سوى التوقيع كون أصحاب المصالح في النزاع السوري اتفقوا نهاية العام المنصرم ولم يبقى على السوريين سوى الالتزام بما توصل له المتنازعين الحقيقين.
من كل ما ذكر أنفاً يوحى لحقيقة لا يمكن تجاهلها أو إغفالها، أن السوريين ليسوا أطراف صراع، بل أدوات لتصفية حسابات إقليمية ودولية، متجليةً في تعزيز وقف إطلاق النار من قبل الطرفيين السوريين واختصار نشاطاتهم العسكرية مستقبلاً في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة ، ولربما يتم كشف مزيد من الخبايا في المستقبل، قد تصل حتى الاندماج في مؤسسة عسكرية واحدة خاصة وإن العقبات تتذيل يوماً بعد أخر وكان آخرها عدم ممانعة تركية من بقاء الأسد في سدة الحكم لفترة أطول، والمواقف المتطابق للطرفين السوريين من قضايا مصيرية تتعلق بشكل سورية المستقبل ووحدة أراضيها.
الكرُد في هذا المحفل أُختصر حضورهم بممثلي المجلس الوطني الكرُدي في سوريا والذي أضحى للكفيف قبل البصير أن المجلس هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الكرُدي في سوريا، اذ استطاع وعبر خطابه المعتدل الواقعي الحصول على ثقة المجتمع الدولي، على النقيض من حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وإدارتها وسلكها الدبلوماسي الذي لم يكل ويمل عبر جولاتها في أوربا دون جدوى أو نيل اليسير من مبتغاه، وقد تمثل ذلك واضحاً وجلياً في أكثر من محفل كان أخرها أستانا ومن قبلها جنيف وعدم نيل ثقة الغرب، الأمر الذي أباح به رئيسه المشترك صالح مسلم بعد منعه من دخول واشنطن لحضور أحد كونفرانسات حزب الشعوب الديمقراطي HDP حيث أكتفى بمداخلة عبر السكايب قائلاً حينها أن «الولايات المتحدة الأمريكية أبلغتهم أن علاقتهم تنحصر بين قوسي العسكرة لا أكثر» وبذلك لم ولن يحضر أي محفل دولي أن ظل على رأيه وممارساته الحالية.
من كل هذا يتضح أن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD مطالب الآن أكثر من أي وقت سبق أن يمعن التفكير فيما حدث وسيحدث على الساحة السورية مستفيداً من تجربة أستانا وما سبقها، ويقف مؤيدوه قبل قياداته وقفة جدية مع ذواتهم، فهم لم ولن يستطيعوا أقناع المجتمع الدولي بأنفسهم وسيضيعون الفرصة التاريخية على الشعب الكرُدي ما لم يبنوا شراكة حقيقة مع القوى الكرُدية الشرعية التي ستوفر لهم طوق النجاة، لكن هذه المرة برعاية أممية وبمراقبة دولية يكون شرط شراكتها الأساسي إدخال قوات بيشمركة روج والتي لوحدها ستكفل نجاح أي اتفاق على العكس من التي تم توقيعها في هولير مرتين ودهوك، – أن كان الاتحاد الديمقراطي يطمح لتحقيق مكاسب كرُدية – .
ربما يعول حزب الاتحاد الديمقراطي PYD على تحالفات أمنية مع قوى إقليمية أو دولية تُساير الأخير بغية مصلحة آنية وهي محاربة الإرهاب، الا ان المطلوب منهم ان يعيدوا قراءة التاريخ ويمُعنوا في تجارب مماثلة تخلت فيها القوى الكبرى عن حلفاء أنيين كُثر، موقنين أن داعش سينتهي ولن يظل لأحد مصلحة في تحالفات أمنية وقتية مؤقتة.