القامشلي – آشا نيوز
سرّبت جهات روسية مسودة دستور بشأن مستقبل سوريا تفتح الباب على تقسيمها تحت مسوغ طائفي وعرقي، وتعوم هويتها.
وعَدّ مراقبون تسريب مسودة الدستور الذي نشرته وسائل إعلام لبنانبة مقربة من دمشق وطهران، أداة لتفحّص “السوق” ورصد ردود الفعل، قبل تحويل التسريب، الذي يمكن نفيه، نصا رسميا مقترحا وربما مباركا من قبل الولايات المتحدة.
ويعتبر الدستور المقترح أن سوريا أضحت تعددية في الثقافة والوجهات، فاسم البلد يتغير من “الجمهورية العربية السورية” إلى “الجمهورية السورية”، كما ينص على استخدام “الحكم الذاتي الكردي للغتين العربية والكردية”. وبهذا ينهي “دستور موسكو” عروبة ومركزية الدولة، ويقدم النظام السياسي بصفته فيدراليا أو لامركزيا، دون استخدام توصيفات قانونية محددة.
وسبق لمسؤولين روس أن لمحوا أكثر من مرة للقبول بحكم فيدرالي لسوريا تماشيا مع أفكار مماثلة سبق أن أطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
ويُسقط النص المسرّب المادة الثالثة من الدستور الحالي المتمثلة في أنّ “دين رئيس الجمهورية الإسلام”، وأن “الفقة الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع”.
وبغضّ النظر عن صدقية التسريب ومسؤولية الطرف الروسي رسميا عن مضمون إخراج النصّ الدستوري، فإن خطورة الأمر تكمن في أن جهة خارجية ترسم مستقبل سوريا وتقرر تقسيماته السياسية والإدارية ومضمون هويته الثقافية.
وأبلغت جهات روسية غير رسمية “العرب” استبعادها أن تكون موسكو تعمل على كتابة دستور لسوريا، ذلك أن الموقف الروسي يعتبر أن تلك مهمة السوريين أنفسهم.
واعتبر رجل القانون السوري محمد صبرا، عضو الوفد المفاوض في الهيئة العليا للمفاوضات في تصريح لـ”العرب” أنه “من حيث المبدأ لا يحق لأحد أيا كان وضع دستور أو إعلان دستوري أو ما شابه ذلك، فهذا الحقّ محصور فقط بالشعب السوري”.
وذكّر صبرا أن “كل قرارات مجلس الأمن الخاصة بالحالة السورية شددت على أن العملية السياسية يملكها السوريون وهم وحدهم من يقودونها”.
وجديد دستور موسكو المقترح هو استحداث برلمانات مناطقية تتشارك في التشريع مع البرلمان المركزي، ويحق لها الاستماع إلى رئيس الجمهورية والوزراء وقيادات دول أجنبية. وهو أمر، يرى مراقبون، أنه يؤسس للنزوع نحو طموحات انفصالية على نحو ما يجري في كردستان العراق.
ويتحدث النص الدستوري عن وظيفة الرئيس كوسيط بين سلطات الدولة، لكنه يخضع القوات المسلحة له بحيث يتولى قيادتها العليا، ويتّخذ قرار الحرب و”يبلغ” الغرفتين التشريعيتين المركزية والمناطقية بذلك.
ومنح “دستور موسكو”، البرلمان صلاحية مثل تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا “من صلاحيات الرئيس في الدستور الحالي”، وتعيين رئيس البنك المركزي.
وإذا ما وسّع الدستور المسرّب من صلاحيات مجلس الوزراء، إلا أن المواد التي تتحدث عن أن تعيين نواب لرئيس مجلس الوزراء والوزراء يكون بالتمثيل النسبي لجميع “الأطياف الطائفية والقومية لسكان سوريا”، تدخل سوريا في تقليعة الدول الطائفية في المنطقة.
ويضع الدستور المتوخى القوات المسلحة تحت الرقابة من قبل المجتمع ولا تتدخل في مجال المصالح السياسية ولا تؤدي دورا في عملية انتقال السلطة، في حرص روسي لنأي المؤسسة العسكرية عن المآلات السياسية.
وينزع النص المقترح الطابع المركزي الاشتراكي للاقتصاد، ويضمن حرية النشاط الاقتصادي والاعتراف بالملكية الخاصة، ويدعو الدولة إلى احترام حرية الأعمال وضمان حرية تنقل البضائع والرساميل.
ويؤكد صبرا أن “الحديث عن دستور قبل إنجاز المرحلة الانتقالية وبدء مسيرة الحوار الوطني في جو من السلام بعيدا عن السلاح، هو تكريس لهيمنة السلاح”.
وطالبت مرج البقاعي مستشارة الهيئة العليا للمفاوضات في تصريح لـ”العرب”، الذين أعدوا وروّجوا لمسودة هذا الدستور أن يعتذروا من الشعب السوري لأنهم تجاوزوه.
وما يدعو إلى الجدل حول الأمر هو قرب موعد وضع الدستور في أغسطس وفق القرار الأممي 2254، والانتقال السياسي في نفس الفترة، والتي أكدها تهديد وزير الخارجية الأميركي جون كيري للرئيس السوري بشار الأسد بتسليم السلطة في ذلك الموعد.
كما أن الإقرار الأميركي بـ”الوكالة” الروسية للحل العسكري والسياسي في سوريا، قد يأخذ في الاعتبار نسخة روسية للدستور السوري الجديد.