افين احمد – القامشلي – آشا نيوز
انتقد السيناتور الجمهوري جون ماكين في مقالة كتبها لصحيفة “واشنطن بوست”، في 22 من الشهر الجاري، سياسة الرئيس الامريكي باراك اوباما في سوريا، مشيرا إلى أنها إحدى اسباب سقوط حلب. وشدد ماكين على أن ما يحدث في حلب يعيد للأذهان مأساة رواندا وسربرنيتسا، وصمت العالم حيال ما يحدث، واصفا ذلك بـ”الفشل الاخلاقي” و”العار الابدي”.
وأضاف: “كنا شهودا على استخدام القنابل الذكية لاستهداف النساء والأطفال والمستشفيات والمخابز ومستودعات المساعدات وقوافل المساعدات الإنسانية. وعلى رمي الطائرات الحربية للبراميل المتفجرة والمعبأة بالشظايا والمتفجرات على المدننين من دون تمييز….. وعلى منظر الحافلات المعبأة بالنازحين من المدينة وآلاف المدنيين الذين تركوا تحت رحمة قوات نظام الاسد وحلفاءه الايرانيين والروس. اوباما كان شاهدا على كل هذا وأكثر، لكنه لم يفعل شيئا لايقافها”.
كما أشار ماكين الى خطوط حمراء رسمها اوباما وتجاوزها نظام الاسد دون التعرض لأية عواقب، في إشارة إلى استخدام الأخير الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.
وكتب السيناتور الجمهوري أيضا: “مازال بإمكان الولايات المتحدة اتخاذ قرار في هذا الصدد. كلما استمرينا بالتلكؤ في انهاء هذا الصراع، كلما قلت خياراتنا. لكن يجب أن لا يصدق أي منا أننا لا نملك أي خيار”. واعتبر ان سياسة النأي بالذات عما يحدث في سوريا لن تجدي نفعا في إبعاد امريكا عن الخطر الذي سيجد اخيرا طريقا للوصول ان لم تتخذ الولايات المتحدة قرارا في هذا الشأن.
أدناه النص الكامل للمقالة مترجمة الى العربية.
كانت لنا يد في سوريا، غير اننا لم نفعل شيئا
جون ماكين
السيناتور الجمهوري عن ولاية اريزونا في مجلس الشيوخ الامريكي
أصبحت عبارة “ليس مرة أخرى” جوفاء بعد سقوط مدينة حلب السورية في يد قوات نظام بشار الاسد. فالحصار الوحشي، الذي فرض على حلب لسنوات، جلب نهاية دموية للمدينة بعد تدفق السلاح الجوي الروسي، وهجوم القوات الايرانية ومقاتلي الميليشيات الاقليمية المختلفة. بينما نمجد أموات مدينة حلب، علينا أن نعترف بتواطؤ الولايات المتحدة في هذه المأساة.
الرئيس اوباما الذي لم يقم بأي شيء من أجل حلب، يتحدث عن ضرورة أن نكون “شهود عيان” على هذا الظلم. على ماذا اصبحنا شهودا؟ على استخدام القنابل الذكية لاستهداف النساء والأطفال والمستشفيات والمخابز ومستودعات المساعدات وقوافل المساعدات الإنسانية. على رمي الطائرات الحربية للبراميل المتفجرة والمعبأة بالشظايا والمتفجرات على المدننين من دون تمييز. على متابعة الضربات الجوية المصممة لاستهداف عمال الانقاذ، مثل منظمة (الخوذات البيضاء) المقدامة، والتي تتوجه لانقاذ الابرياء في مناطق مازالت تحت الهجوم. على منظر الحافلات المعبأة بالنازحين من المدينة وآلاف المدنيين الذين تركوا تحت رحمة قوات نظام الاسد وحلفاءه الايرانيين والروس. اوباما كان شاهدا على كل هذا وأكثر، لكنه لم يفعل شيئا لايقافها.
دمار حلب كما سابقاتها من الاعمال الوحشية قد ألهمت الكثير من الخطابات البراقة وخرافات اتخاذ خطوات عملية، واجتماعات لا نهاية لها في القصور المذهبة في جنيف وفيينا واماكن اخرى. رسمت الكثير من الخطوط الحمراء، وتم تجاوزها من دون اية عواقب. وألقى اوباما أسئلة من مثيل “هل حقا علينا القبول بفكرة ان العالم عاجز عن مواجهة رواندا (اخرى) أو سربرنيتسا؟” أمام الجمعية العامة للامم المتحدة في 2013، مضيفا: “اذا أراد الناس هذا النوع من العالم، فعليهم ان يقولوا ذلك، وأن يحتسبوا للمنطق البارد (اللانساني) الكامن خلف ارتكاب المقابر الجماعية”.
الآن، ذلك الحساب ملقى علينا. فالمقابر الجماعية تمتثل امامنا، واسم حلب سوف يسمع صداه عبر التاريخ مثل سربرنيتسا ورواندا كشاهد على فشلنا الاخلاقي وعارنا الابدي. وسط صراع قد حصد ارواح ما يقارب الخمسمائة الف انسان، وساق نصف سكان سوريا خارج بيوتهم، وخلق أزمة لاجئين في اوروبا هي الاسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، وأنتج جيش الدولة الاسلامية، وسط كل هذا الرعب والسفالة، حلب ستبقى الابرز.
ربما خسرت حلب، لكن انتهاء الحرب السورية مازال بعيدا. وعلى الارجح ستسوء الامور أكثر في ظل اشتداد صراع النظام، ايران، روسيا، تركيا، الكُرد، دول الخليج وغيرهم على ما تبقى من جثة سوريا.
مازال بإمكان الولايات المتحدة اتخاذ قرار في هذا الصدد. كلما استمرينا بالتلكؤ في انهاء هذا الصراع، كلما قلت خياراتنا. لكن يجب أن لا يصدق أي منا أننا لا نملك أي خيار.
يجب أن نعترف بأن لدينا سهمًا فبما يجري في سوريا. ولا يتعلق الأمر فقط بمعاناة الآخرين، كما تبدو الصورة الآن. بل إن الأمر يتعلق باعتبارات الأمن القومي للولايات المتحدة. فصعود أقوى تنظيم ارهابي في العالم سيؤثر علينا كما شاهدنا في باريس وسان بيرناندينو. أزمة اللاجئين التي تزعزع استقرار حلفائنا كاسرائيل والاردن وتهدد أسس الديمقراطية الغربية ايضا لها تاثير علينا.
علينا أن نعترف أيضا أنه لا يمكن الاعتماد على الاسد، فلاديمير بوتين وقاسم سليماني، قائد فيلق القدس الايراني، كشركاء في محاربة الارهاب. حقيقة، العكس هو الصحيح. فالنظام السوري وايران وروسيا لا يقاتلون داعش. المذابح التي ارتكبوها من دون تمييز هي التي هيئت الظروف لظهور الدولة الاسلامية. الحصار الدموي لحلب سوف يكون مكسبا غير متوقعا للتطرف والتجنيد الارهابي. إنه لوهم خطير أن نعتقد بأن تدمير الدولة الاسلامية يتم من خلال المراهنة على هؤلاء الذين هم أصلا خلف تقوية هذا التنظيم.
أخيرا علينا الاعتراف بأن إنهاء الحرب ليس ممكنا إلى أن يتيقن الأسد وداعميه أنه لا يمكنهم الانتصار عسكريا. وعلينا أن لا نخطئ: فما يحاولون القيام به هو الانتصار عسكريا. فسقوط حلب سيشجعهم على توجيه فوهات بنادقهم لأهدافهم التالية في سوريا. وعلينا أن نتذكر حكمة وزير خارجيتنا الاسبق جورج شولتز: “الديبلوماسية الغير مدعومة بالقوة لن تكون فعالة حتى في أحسن حالاتها، بل وستكون خطيرة في أسوأ حالاتها”.
فكرة أن امريكا لا يمكنها إيقاف كل الرعب في العالم لا تعفينا من مسؤولية استخدام قوتنا العظيمة لإنهاء أسوأ المظالم، أينما استطعنا، خاصة عندما يكون ذلك مفيدا لمصالحنا ويجعل من الولايات المتحدة وحلفائها أكثر أمانا. نحن لا نحتاج لأن نكون شرطي العالم لندافع عن مصالحنا، لكننا لا نستطيع ان ننأى بأنفسنا عن الفوضى التي تعم عالمنا الخطير. وإذا ما حاولنا ذلك، فإن عدم الاستقرار، الارهاب، والدمار الحاصل في قلب تلك الفوضى سيجد أخيرا طريقه للوصول الى اراضينا.